بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائم على كل نفس بما كسبت، والرقيب على كل جارحة بما اجترحت، والمتفضل على عباده بنِعمٍ توالت وكثرت، سبحانه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض تحركت أو سكنت، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله الذي سطعت به أنوار الشريعة وكمُلت ، وعلت به راية الملة وارتفعت ، وحيّرت معجزاته العقولَ وبهرت ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين زكت نفوسهم وطهُرت ، وعلت هِمَمُهم في نصرة الدين وانتهضت ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تلاحمت الغيوم وانسكبت ، وما تلألأت النجوم وأضاءت ، وسلم تسليما كثيراً . . . أما بعد :
فاتقوا الله أيها المسلمون ، وما للنفوس لا تتزود من التقوى وهي مسافرة؟ وما للهِمَم عن ركب المتقين فاترة؟ وما للألسن عن شكر نعم الله قاصرة؟ وما للعيون إلى زهرة الدنيا الفانية ناظرة؟ وعن طريق الهداية الواضحة حائرة؟ ألا فاتقوا الله ربكم، وعظموا نواهيه وأوامره، وتدبروا آياته وعظاته ، فكم فيها من موعظة وعبرة زاجرة .
كم بدأت الآيات بقول المولى جل وعلا بـ : " يا أيها الذين آمنوا " .
قال بعض السلف : إذا سمعت الله يقول : " يا أيها الذين آمنوا " فاصغ لها سمعك ، فإنها خير تؤمر به أو شر تنهى عنه .
الموضوع في غاية الأهمية ويجب أن يعتنى به أيما عناية فهو بحر لا ساحل له ، وبئر لا قاع لها ، وخطر لا مثل له ، وشر لا عدل له ، وقبل أن نخوض غمار هذا الموضوع ونغوص في أعماقه ، ونكتشف أخطاره ، ونتبين أضراره ، ونسبر أغواره ، هناك سؤال لابد منه وهو : ماذا يريد أعداؤنا منا ؟
والجواب على ذلك :
أقول : أيها الاخوة الأفاضل ، لقد أنعم الله على هذه الأمة بنعم كثيرة وخصها بمزايا فريدة ، وجعلها خير أمة أخرجت للناس ، تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتؤمن بالله ، وتحرم الحرام ، وتحل الحلال ، ألا وإن نعم الله ليس لها عد ، وليس لها حد ، وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده شريعة ، ومنهج حياة ، وأتم به على عباده النعمة ، وأكمل لهم به الدين ، فقال جل وعلا : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .
ولكن أعداء الإسلام قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى فامتلأت قلوبهم حقداً وغيظاً ضاقت نفوسهم بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وأرادوا لو يسلبون المسلمين هذه النعمة ويخرجونهم منها كما قال:تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم : " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء " ، والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة والمقصود انهم لا يألون جهداً ، ولا يتركون سبيلاً ، للوصول إلى أغراضهم ، وتحقيق أهدافهم ، في النيل من المسلمين إلا سلكوه واتبعوه ولهم في ذلك أساليب عديدة ووسائل خفية ، لكنها لا تخفى بإذن الله على من له أدنى بصيرة في أمر دينه ، فهي ظاهرة لمن وفقه الله للعمل لهذا الدين العظيم .
ومن تلك الأهداف التي ينوي الأعداء تحقيقها ما يلي :
1_ العمل على انحرف شباب المسلمين وإضلالهم .
2_ إفساد الإخلاص والوقوع من الرذيلة عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد .
3_ تشكيك المسلم في عقيدته.
4_ تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الكفرة .
5_ دفع المسلم للتخلق بالكثير من تقاليد الكفار وعاداتهم السيئة .
6_ العود على عدم الاكتراث بالدين وعدم الالتفات لآدابه وأوامره .
7- تجنيد الشباب المسلم ليكووا من دعاة السفر إلى بلاد الكفر بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الكفرة وعاداتهم وطرق معيشتهم .
إلى غير ذلك من الأغراض والمقاصد الخطيرة التي يعمل أعداء الإسلام إلى تحقيقها بكل ما أتوا من قوة ، وبشتى الوسائل ولأساليب الظاهرة والباطنة . فهل عقل أهل الإسلام ما يحاك ضدهم ؟ أرجو أن يكون ذلك .
يقولون : الشيء بالشيء يُذكر ، فكلمة السفر ، تذكرنا بالسياحة الخارجية إلى بلاد الكفر والعهر ، ولا شك أن أغلب من يسافر إلى تلك البلاد يكون له مآرب دنيئة ، ومقاصد قبيحة ، فهي بؤر للفساد ، وميادين لقتل العباد ، ومراتع للإفساد ، وبراثن للإيقاع بالشباب ، فكم من شاب سقط ضحية الصيف بسبب السفر للاستجمام وقضاء الإجازة الصيفية أو جزءٍ منها هناك ، كم خدعتهم أنفسهم ، وكم أغواهم الشيطان ، وكم لبس عليهم أصحاب السوء ، فهي ادعاءات باطلة ، وافتراءات مكذوبة ، ليس لها من الصحة أساس ، ولا يقبل بها العقلاء من الناس ، فهذا شاب جامعي في المرحلة النهائية ، فهو قاب قوسين أو أدنى من التخرج ، علق عليه أهله آمالاً كبيرة ، لكنه تعرف على شلة الأسفار صيفاً ، فخيب آمال أهله ، ودمر أحلامه ، بسبب الإقدام على أول مرحلة من مراحل الفشل ، فسافر وعاقر المخدرات حتى أصبح لا يستغني عنها أبداً ، ففصل من الجامعة ، وأصبح عاطلاً ، وعاد مدمناً ، وأضحى ذليلاً ، فخسر نفسه ودراسته ، وأصبح رهينة لهذا الداء القاتل ، والسم الزعاف ، لقد ألحق العار بأسرته ، والدمار بمستقبله ، حتى وقع في أيدي رجال مكافحة المخدرات ، وزج به في السجن لأنه لم يعد مدمناً فقط بل أصبح مروجاً والعياذ بالله ، فضرره متعد لغيره ، وليس مقتصراً عليه .
كانت هذه القصة واحدة من آلاف مؤلفة من قصص الشباب المؤلمة ، الذين راحوا ضحية الخمور والمخدرات ، ابتدأت بها من باب التسلية ، ومن قبيل المقبلات قبل الأكلات الدسمات .
والآن حان أوان الشروع في المقصود ، فأقول مستعينا بالله المعبود .
لقد أصبح من المعلوم أن هناك حروباً ضروساً تدور رحاها في الخفاء لا يختلف اثنان على آثارها المدمرة وعدد ضحاياها ، يقودها أعداء الإنسانية جميعاً ويشعل نار فتيلها كل جشع وحاقد وحسود ، تلك الحرب هي حرب المخدرات التي يكون وقودها في الغالب صفوة شباب الأمة من أبناء وبنات .
ونحن نعلم هذه الأيام أنه بعد أن تفاقمت مشكلة الخمور في المجتمعات الغربية بدءوا يدركون الأضرار المترتبة على إدمانها ، فبدءوا يبذلون جهوداً مكثفة تتمثل في دعم الأبحاث العلمية وإصدار المجلات المتخصصة التي تتناول الكحول وتأثيراته السلبية على الصحة والمجتمع، ولا أدل على ذلك من أن الحكومة الأمريكية قد أصدرت قراراً في الثلاثينات من القرن العشرين يشير إلى أن المدمنين مرضى شرعيون، وهو أيضاً ما يشير إليه تعريف المدمن من قبل منظمة الصحة العالمية الذي يقول : بأن المدمنين مرضى يستحقون العلاج .
وفي المقابل نجد أن دين الإسلام وقبل ذلك بقرون قد حرم الخمر والمسكرات والمخدرات بصورة عامة والآيات والأحاديث الدالة على ذلك لا حصر لها .
أيها الأخوة في الله : لقد سمعتم كما سمعنا ذاك النبأ العظيم ، الذي ما أن لامس الأذان ، واستقر في سويداء القلوب حتى مزقها ، إنها مأساة بحق مأساة ، لقد نقلت جريدة الرياض بتأريخ :30/10/1419هـ ، خبر ذاك الرجل الذي قضى على حياته وحياة أسرته كلها لقد نشرت الصحف في الأيام الماضية قصة هذا الرجل الذي أقدم على قتل زوجته وابنته وعمرها سبع سنوات وابنه وعمره خمس سنوات وقطع يد ابنه الآخر وعمره ثلاث سنوات ، وهل اكتفى بهذا ؟! كلا ؛ بل قام بالتمثيل بجثثهم وتقطيع أجزاء من أعضائهم .
يا ترى هل يفعل ذلك عاقل ؟! هل بلغت قسوة القلوب أن يقوم أب بقتل فلذات أكباده ؟! هل تحجرت الأفئدة إلى هذا الحد حتى وصل الأمر إلى أن يقتل أم أولاده ؟! هل نُزعت الرحمة من ذاك القلب حتى لم يكتف بالقتل بل لابد من التمثيل بهم وتقطيع أجزائهم ؟!
والجواب كلا ، لم نصل إلى هذا الحد ولكنه السم الزعاف الذي أذهب عقل ذاك الرجل ، إنها الخمور والمخدرات التي نزعت الرحمة والشفقة من ذلك الإنسان فأصبح لا يشعر بنفسه فأخذ يقتل هذا ويسفك دم ذاك ..وكم من جرائم ارتكبت تحت تأثير الخمر والمخدرات ، ومن تلك الأخبار التي قد رويت وتناقلها الثقات قصة ذلك الرجل الذي حضر عنده مروج المخدرات وفي أثناء حديثهما وهم يتفاوضان في الكمية والقيمة دخلت تلك الفتاة الصغيرة تحمل لوالدهما وضيفه كأسين من العصير ، وعندما رآها ذاك الماكر المخادع ، والذئب الجائع ، قال لوالدها : أريد هذه مقابل الكمية ؟ فقال والدها : إنها صغيره ! فقال : لا مشكلة ، فما كان من الوالد إلا أن أحضر ابنته ووضع المخدر في كأس العصير وسقاها إياه حتى إذا غاب عقلها ، بدأ الخبيث بجريمته النكراء بهذه الفتاة الصغيرة البريئة ،ووالدها ينظر إليه وقد غاب عن وعيه بفعل المخدر ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائم على كل نفس بما كسبت، والرقيب على كل جارحة بما اجترحت، والمتفضل على عباده بنِعمٍ توالت وكثرت، سبحانه لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض تحركت أو سكنت، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله الذي سطعت به أنوار الشريعة وكمُلت ، وعلت به راية الملة وارتفعت ، وحيّرت معجزاته العقولَ وبهرت ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين زكت نفوسهم وطهُرت ، وعلت هِمَمُهم في نصرة الدين وانتهضت ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تلاحمت الغيوم وانسكبت ، وما تلألأت النجوم وأضاءت ، وسلم تسليما كثيراً . . . أما بعد :
فاتقوا الله أيها المسلمون ، وما للنفوس لا تتزود من التقوى وهي مسافرة؟ وما للهِمَم عن ركب المتقين فاترة؟ وما للألسن عن شكر نعم الله قاصرة؟ وما للعيون إلى زهرة الدنيا الفانية ناظرة؟ وعن طريق الهداية الواضحة حائرة؟ ألا فاتقوا الله ربكم، وعظموا نواهيه وأوامره، وتدبروا آياته وعظاته ، فكم فيها من موعظة وعبرة زاجرة .
كم بدأت الآيات بقول المولى جل وعلا بـ : " يا أيها الذين آمنوا " .
قال بعض السلف : إذا سمعت الله يقول : " يا أيها الذين آمنوا " فاصغ لها سمعك ، فإنها خير تؤمر به أو شر تنهى عنه .
الموضوع في غاية الأهمية ويجب أن يعتنى به أيما عناية فهو بحر لا ساحل له ، وبئر لا قاع لها ، وخطر لا مثل له ، وشر لا عدل له ، وقبل أن نخوض غمار هذا الموضوع ونغوص في أعماقه ، ونكتشف أخطاره ، ونتبين أضراره ، ونسبر أغواره ، هناك سؤال لابد منه وهو : ماذا يريد أعداؤنا منا ؟
والجواب على ذلك :
أقول : أيها الاخوة الأفاضل ، لقد أنعم الله على هذه الأمة بنعم كثيرة وخصها بمزايا فريدة ، وجعلها خير أمة أخرجت للناس ، تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ، وتؤمن بالله ، وتحرم الحرام ، وتحل الحلال ، ألا وإن نعم الله ليس لها عد ، وليس لها حد ، وأعظم هذه النعم نعمة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده شريعة ، ومنهج حياة ، وأتم به على عباده النعمة ، وأكمل لهم به الدين ، فقال جل وعلا : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .
ولكن أعداء الإسلام قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى فامتلأت قلوبهم حقداً وغيظاً ضاقت نفوسهم بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وأرادوا لو يسلبون المسلمين هذه النعمة ويخرجونهم منها كما قال:تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم : " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء " ، والآيات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين كثيرة والمقصود انهم لا يألون جهداً ، ولا يتركون سبيلاً ، للوصول إلى أغراضهم ، وتحقيق أهدافهم ، في النيل من المسلمين إلا سلكوه واتبعوه ولهم في ذلك أساليب عديدة ووسائل خفية ، لكنها لا تخفى بإذن الله على من له أدنى بصيرة في أمر دينه ، فهي ظاهرة لمن وفقه الله للعمل لهذا الدين العظيم .
ومن تلك الأهداف التي ينوي الأعداء تحقيقها ما يلي :
1_ العمل على انحرف شباب المسلمين وإضلالهم .
2_ إفساد الإخلاص والوقوع من الرذيلة عن طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد .
3_ تشكيك المسلم في عقيدته.
4_ تنمية روح الإعجاب والانبهار بحضارة الكفرة .
5_ دفع المسلم للتخلق بالكثير من تقاليد الكفار وعاداتهم السيئة .
6_ العود على عدم الاكتراث بالدين وعدم الالتفات لآدابه وأوامره .
7- تجنيد الشباب المسلم ليكووا من دعاة السفر إلى بلاد الكفر بعد عودتهم من هذه الرحلة وتشبعهم بأفكار الكفرة وعاداتهم وطرق معيشتهم .
إلى غير ذلك من الأغراض والمقاصد الخطيرة التي يعمل أعداء الإسلام إلى تحقيقها بكل ما أتوا من قوة ، وبشتى الوسائل ولأساليب الظاهرة والباطنة . فهل عقل أهل الإسلام ما يحاك ضدهم ؟ أرجو أن يكون ذلك .
يقولون : الشيء بالشيء يُذكر ، فكلمة السفر ، تذكرنا بالسياحة الخارجية إلى بلاد الكفر والعهر ، ولا شك أن أغلب من يسافر إلى تلك البلاد يكون له مآرب دنيئة ، ومقاصد قبيحة ، فهي بؤر للفساد ، وميادين لقتل العباد ، ومراتع للإفساد ، وبراثن للإيقاع بالشباب ، فكم من شاب سقط ضحية الصيف بسبب السفر للاستجمام وقضاء الإجازة الصيفية أو جزءٍ منها هناك ، كم خدعتهم أنفسهم ، وكم أغواهم الشيطان ، وكم لبس عليهم أصحاب السوء ، فهي ادعاءات باطلة ، وافتراءات مكذوبة ، ليس لها من الصحة أساس ، ولا يقبل بها العقلاء من الناس ، فهذا شاب جامعي في المرحلة النهائية ، فهو قاب قوسين أو أدنى من التخرج ، علق عليه أهله آمالاً كبيرة ، لكنه تعرف على شلة الأسفار صيفاً ، فخيب آمال أهله ، ودمر أحلامه ، بسبب الإقدام على أول مرحلة من مراحل الفشل ، فسافر وعاقر المخدرات حتى أصبح لا يستغني عنها أبداً ، ففصل من الجامعة ، وأصبح عاطلاً ، وعاد مدمناً ، وأضحى ذليلاً ، فخسر نفسه ودراسته ، وأصبح رهينة لهذا الداء القاتل ، والسم الزعاف ، لقد ألحق العار بأسرته ، والدمار بمستقبله ، حتى وقع في أيدي رجال مكافحة المخدرات ، وزج به في السجن لأنه لم يعد مدمناً فقط بل أصبح مروجاً والعياذ بالله ، فضرره متعد لغيره ، وليس مقتصراً عليه .
كانت هذه القصة واحدة من آلاف مؤلفة من قصص الشباب المؤلمة ، الذين راحوا ضحية الخمور والمخدرات ، ابتدأت بها من باب التسلية ، ومن قبيل المقبلات قبل الأكلات الدسمات .
والآن حان أوان الشروع في المقصود ، فأقول مستعينا بالله المعبود .
لقد أصبح من المعلوم أن هناك حروباً ضروساً تدور رحاها في الخفاء لا يختلف اثنان على آثارها المدمرة وعدد ضحاياها ، يقودها أعداء الإنسانية جميعاً ويشعل نار فتيلها كل جشع وحاقد وحسود ، تلك الحرب هي حرب المخدرات التي يكون وقودها في الغالب صفوة شباب الأمة من أبناء وبنات .
ونحن نعلم هذه الأيام أنه بعد أن تفاقمت مشكلة الخمور في المجتمعات الغربية بدءوا يدركون الأضرار المترتبة على إدمانها ، فبدءوا يبذلون جهوداً مكثفة تتمثل في دعم الأبحاث العلمية وإصدار المجلات المتخصصة التي تتناول الكحول وتأثيراته السلبية على الصحة والمجتمع، ولا أدل على ذلك من أن الحكومة الأمريكية قد أصدرت قراراً في الثلاثينات من القرن العشرين يشير إلى أن المدمنين مرضى شرعيون، وهو أيضاً ما يشير إليه تعريف المدمن من قبل منظمة الصحة العالمية الذي يقول : بأن المدمنين مرضى يستحقون العلاج .
وفي المقابل نجد أن دين الإسلام وقبل ذلك بقرون قد حرم الخمر والمسكرات والمخدرات بصورة عامة والآيات والأحاديث الدالة على ذلك لا حصر لها .
أيها الأخوة في الله : لقد سمعتم كما سمعنا ذاك النبأ العظيم ، الذي ما أن لامس الأذان ، واستقر في سويداء القلوب حتى مزقها ، إنها مأساة بحق مأساة ، لقد نقلت جريدة الرياض بتأريخ :30/10/1419هـ ، خبر ذاك الرجل الذي قضى على حياته وحياة أسرته كلها لقد نشرت الصحف في الأيام الماضية قصة هذا الرجل الذي أقدم على قتل زوجته وابنته وعمرها سبع سنوات وابنه وعمره خمس سنوات وقطع يد ابنه الآخر وعمره ثلاث سنوات ، وهل اكتفى بهذا ؟! كلا ؛ بل قام بالتمثيل بجثثهم وتقطيع أجزاء من أعضائهم .
يا ترى هل يفعل ذلك عاقل ؟! هل بلغت قسوة القلوب أن يقوم أب بقتل فلذات أكباده ؟! هل تحجرت الأفئدة إلى هذا الحد حتى وصل الأمر إلى أن يقتل أم أولاده ؟! هل نُزعت الرحمة من ذاك القلب حتى لم يكتف بالقتل بل لابد من التمثيل بهم وتقطيع أجزائهم ؟!
والجواب كلا ، لم نصل إلى هذا الحد ولكنه السم الزعاف الذي أذهب عقل ذاك الرجل ، إنها الخمور والمخدرات التي نزعت الرحمة والشفقة من ذلك الإنسان فأصبح لا يشعر بنفسه فأخذ يقتل هذا ويسفك دم ذاك ..وكم من جرائم ارتكبت تحت تأثير الخمر والمخدرات ، ومن تلك الأخبار التي قد رويت وتناقلها الثقات قصة ذلك الرجل الذي حضر عنده مروج المخدرات وفي أثناء حديثهما وهم يتفاوضان في الكمية والقيمة دخلت تلك الفتاة الصغيرة تحمل لوالدهما وضيفه كأسين من العصير ، وعندما رآها ذاك الماكر المخادع ، والذئب الجائع ، قال لوالدها : أريد هذه مقابل الكمية ؟ فقال والدها : إنها صغيره ! فقال : لا مشكلة ، فما كان من الوالد إلا أن أحضر ابنته ووضع المخدر في كأس العصير وسقاها إياه حتى إذا غاب عقلها ، بدأ الخبيث بجريمته النكراء بهذه الفتاة الصغيرة البريئة ،ووالدها ينظر إليه وقد غاب عن وعيه بفعل المخدر ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .