لقد خلق الله جل وعلا الإنسان واختاره لحمل أمانة جليلة أشفقت منها السماوات والأرض ومن فيهن؛ ألا وهي الاستخلاف في الأرض. ووعده في مقابل ذلك مكافأة عظيمة: جنة الخلد في جوار ربه وملائكته ومن فضَّل من خلقه. فأعده الله تعالى خير إعداد للقيام بهذه المهمة الشاقة؛ فخلقه في أحسن تقويم، ثم كرمه بالعقل والعلم والكلام، ثم أسكنه الجنة، وخلق له زوجا ليسكن إليها، وسخر له الكون وما فيه ليخدمه في تحقيق مهمته، وحذره من أعدائه من الشياطين المتربصين به لإذلاله؛ فألهمه العيش في جماعات للتكاتف على الخير، والتعاون مع غيره من بني آدم لدرء الشرور، ولاستثمار ما أنعم به عليه خالقه من آلاء كثيرة فيما يرضي الله، ويحقق أمانة الاستخلاف في الأرض، وإعمارها على خير وجه لعباد الله الصالحين.
ومن هذه التجمعات البشرية ولدت المجتمعات والأمم والشعوب والقبائل، وبمرور الزمن تباينت ثقافاتها ومفاهيمها وقوانينها التي تنظم التعاملات بين أفرادها، وصار كل إنسان يختزن داخل نفسه نظاما متكاملا شديد التعقيد من المشاعر والأفكار والطموحات الموروثة ممن سبقوه ومن بيئته، وأصبح من الضروري له إذا أراد التعامل مع الآخرين أن يحاول اكتشاف ما يحملونه من أفكار وأحاسيس ومعتقدات؛ ليستطيع إقامة علاقات ناجحة معهم في إطار المجتمع الذي يعيش فيه.
ولم يكن الأمر سهلا؛ فقد تصادمت المعتقدات المتضادة، وتصارعت الأفكار المتباينة، وولدت الخلافات والمنازعات مع ولادة المجتمع البشري، وتطور بعضها إلى منازعات مسلحة أو عداءات ثقافية تاريخية مبنية على تضارب الأفكار، واستمرت هذه التصادمات على مر العصور حتى يومنا هذا، رغم كل ما حققه الإنسان من تقدم في شتى المجالات؛ فمن منا لم يجد نفسه ذات يوم في مواجهة أمام مهاجم أو مشكك؟ ومن منا لم يصطدم بزميل أو جار أو قريب بسبب اختلاف الآراء وتباين الرؤى الشخصية أو سوء الفهم؟ ومن منا لم يتساءل ذات يوم: "لماذا توقف فلان عن الاتصال بي؟ ترى ماذا قلت قد يكون أغضبه؟".
ومن هنا ولدت الحاجة إلى علم يبحث في ديناميكيات التفاعل بين الأفراد على اختلافهم، ويحاول إيجاد أسس للتفاهم والتواصل تختصر الوقت والجهد، وتقفز فوق المعوقات لتوصل الأفكار للآخر بنجاح، كما يبتكر قوانين مهمتها تقليل "التصادمات الفكرية" بين الأفراد التي تحتاج لما يهذبها وينظمها لتفادي العواقب الوخيمة لسوء الفهم والتعصب.
وإذا بنا نكتشف من خلال هذا العلم بعض الحقائق المذهلة: فالمشكلة التي تسببت في الصدام قد لا تكون دائما فيما نقول، بل أحيانا فيما لم نقل، أو في الطريقة التي قلنا بها، أو في التوقيت الذي دار فيه الحوار، أو مكانه، أو حتى ما كنا نرتديه عند النقاش! إذن فهذا مما يستحق منا وقفة لتدبره.
لنتذكر أولا ما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم: أن نتعوَّذ من علم لا ينفع؛ أي أننا يجب أن نسأل أنفسنا قبل أن نشرع في التعلم عن سبب يرضي الله ورسوله ويخدم الإسلام لتعلُّم أي علم، ثم نعرف كيف نحتسب ذلك العلم في سبيل الله لنأخذ عليه الأجر والثواب.
إذن يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا نقبل على تعلم هذا العلم بالذات؟ هل تقليدا للغرب مثلا أو ابتغاءً للرزق أو المناصب؟ أم إرضاءً لربنا وابتغاءً لاستعمال ما تعلمنا في نصرة الإسلام؟ بمعنى آخر: هل هذا العلم -بمقياس الله- علم نافع أم علم لا ينفع؟ وعلى هذا الأساس نقرر ماذا نتعلم وماذا نترك.
لنطبق هذا المفهوم على هذا الموضوع، ولنتساءل: هل الإسلام يأمرنا بتعلم مهارات الاتصال الفعال؟ وهل هناك أخلاقيات وآداب واضحة للحوار البنّاء في الإسلام؟ وما هي استخدامات تلك المهارات لصالح دين الله؟ سنجد أن الإسلام يعلمنا بالتفصيل كل ما نحتاجه لمهمتنا:
1. أطراف عملية الاتصال: أنفسنا والآخرون، أفرادا وجماعات، مسلمين وغير ذلك.
2. ثم يعلمنا الرسالة المطلوب توصيلها للناس: الأخلاق الحسنة، والتعاملات الراقية، والعبادات المطهرة، وذلك في دوائر التعامل المختلفة: الأسرية والاجتماعية والدولية والعالمية.
3. ثم يبين لنا وسائل الاتصال المختلفة بين الناس: الصالح منها والطالح.
4. ومن ثم يعلمنا تخير الوسائل السليمة للاتصال وتفادي ما يعوقها أو يشوهها.
5. ثم بعد هذا التدريب الرباني المكثف للمسلم، بدءا من محيطه الشخصي يأمره الإسلام أن ينطلق بما تعلم في أرجاء الأرض مبلغا لأعظم رسالة يمكن أن ُيبلغها بشر: كلام الله عز وجل.
طرفا عملية الاتصال الفعالإذن يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا نقبل على تعلم هذا العلم بالذات؟ هل تقليدا للغرب مثلا أو ابتغاءً للرزق أو المناصب؟ أم إرضاءً لربنا وابتغاءً لاستعمال ما تعلمنا في نصرة الإسلام؟ بمعنى آخر: هل هذا العلم -بمقياس الله- علم نافع أم علم لا ينفع؟ وعلى هذا الأساس نقرر ماذا نتعلم وماذا نترك.
لنطبق هذا المفهوم على هذا الموضوع، ولنتساءل: هل الإسلام يأمرنا بتعلم مهارات الاتصال الفعال؟ وهل هناك أخلاقيات وآداب واضحة للحوار البنّاء في الإسلام؟ وما هي استخدامات تلك المهارات لصالح دين الله؟ سنجد أن الإسلام يعلمنا بالتفصيل كل ما نحتاجه لمهمتنا:
1. أطراف عملية الاتصال: أنفسنا والآخرون، أفرادا وجماعات، مسلمين وغير ذلك.
2. ثم يعلمنا الرسالة المطلوب توصيلها للناس: الأخلاق الحسنة، والتعاملات الراقية، والعبادات المطهرة، وذلك في دوائر التعامل المختلفة: الأسرية والاجتماعية والدولية والعالمية.
3. ثم يبين لنا وسائل الاتصال المختلفة بين الناس: الصالح منها والطالح.
4. ومن ثم يعلمنا تخير الوسائل السليمة للاتصال وتفادي ما يعوقها أو يشوهها.
5. ثم بعد هذا التدريب الرباني المكثف للمسلم، بدءا من محيطه الشخصي يأمره الإسلام أن ينطلق بما تعلم في أرجاء الأرض مبلغا لأعظم رسالة يمكن أن ُيبلغها بشر: كلام الله عز وجل.
نبدأ بالنظر إلى أول طرف في عملية الاتصال؛ أنفسنا: يقول تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} فإن من أعظم الأمانات أمانة النفس؛ فهي أعظم من أمانة الأموال والأولاد، إذن يجب أن يعرف المسلم نفسه أولا، ومن ثم يتمكن من أن يرضي الله بمعاملة الناس بالحسنى كما يحب لنفسه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"؛ فالآخرون هم الطرف الثاني في عملية الاتصال، والإسلام يأمرنا -بعد أن نعرف أنفسنا جيدا- أن نتخيل أنفسنا في أماكنهم قبل أن نعاملهم؛ حتى نعطيهم نفس الاحترام الذي نحبه لأنفسنا.
وتسري هذه القاعدة الذهبية على جميع أنواع المعاملات والتواصل الإنساني الفعال بين المسلم وإخوانه من دائرة الأسرة وحتى دائرة الأمة، كما تسري أخلاق الإسلام على معاملات المسلم مع غير المسلمين الذين أخبرنا سبحانه وتعالى عن حكمته في احتكاكنا بهم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل لتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
إذن ليس من الإسلام الانعزال عن الناس أو اعتزال الحياة؛ لأنه لا رهبانية في الإسلام كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، ورغم أن القرآن يخبرنا أننا {خير أمة أخرجت للناس} فإن نيل هذا الشرف له ضوابط؛ فلا يترفع المسلم عن التواصل مع الغير تحت زعم الأفضلية المطلقة كما فعل بنو إسرائيل حين قالوا زورا وبهتانا: {نحن أبناء الله وأحباؤه}، واحتقروا غيرهم من الناس تحت هذا الزعم، فاستحقوا بذلك غضب الله وعذابه.
حكمة الترغيب في التواصل مع الناسوتسري هذه القاعدة الذهبية على جميع أنواع المعاملات والتواصل الإنساني الفعال بين المسلم وإخوانه من دائرة الأسرة وحتى دائرة الأمة، كما تسري أخلاق الإسلام على معاملات المسلم مع غير المسلمين الذين أخبرنا سبحانه وتعالى عن حكمته في احتكاكنا بهم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِل لتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَليمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
إذن ليس من الإسلام الانعزال عن الناس أو اعتزال الحياة؛ لأنه لا رهبانية في الإسلام كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، ورغم أن القرآن يخبرنا أننا {خير أمة أخرجت للناس} فإن نيل هذا الشرف له ضوابط؛ فلا يترفع المسلم عن التواصل مع الغير تحت زعم الأفضلية المطلقة كما فعل بنو إسرائيل حين قالوا زورا وبهتانا: {نحن أبناء الله وأحباؤه}، واحتقروا غيرهم من الناس تحت هذا الزعم، فاستحقوا بذلك غضب الله وعذابه.
من سنن الله في الكون أن كل إنسان موجود وسط مجموعة من الناس مضطر أن يتواصل معهم، على الأقل في نطاق حاجاته الأساسية. أما الإنسان المسلم فلا يكتفي بمجرد التواصل، بل يخبره القرآن -كما في الآية السابقة- أنه يجب أن يقترب أكثر ليتعارف مع الناس ويتفاعل معهم، القريب منهم والبعيد، المسلم منهم وغير المسلم، يا ترى لماذا؟ الإجابة القرآنية واضحة: {ادْعُ إِلى سَبِيل رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
إذن يتعرف عليهم وعلى ثقافاتهم وعاداتهم وعلومهم ليتمكن من دعوتهم للإسلام. بل وتبين لنا الآية الكريمة كيفية ذلك: بالحكمة والهدوء والموعظة والمنطق القوي. لاحظوا أن الدعوة في الآية جاءت بصيغة الأمر؛ فالمسلم إذن مأمور بالدعوة إلى سبيل الله بكل وسيلة ممكنة، سواء بالدعوة المباشرة (الوعظية) والدعوة غير المباشرة بالقدوة التي تعبر عن أخلاق الإسلام فتدعو الناس إليه.
ويشمل نطاق دعوة كل مسلم جميع دوائر تعامله على قدر استطاعته وعلمه؛ بدءًا من أهل بيته {وأنذر عشيرتك الأقربين}، وحتى الأقوام الآخرون من الشعوب والقبائل الذين علينا التعرف عليهم كما في الآية، واختيار أفضل وسيلة لمخاطبتهم، ثم استعمال جميع أدوات الاتصال الفعال لتوصيل الرسالة التي تعلمناها لهم بشكل صحيح، بعد التغلب على المعوقات التي قد تفسد أو تعطل عملية الاتصال، ثم علينا بعد ذلك التعامل بنفس الحكمة والهدوء مع ردود الأفعال المختلفة الناتجة عن هذا التواصل؛ حرصا على استمرار تدفق المعلومات دون معوقات.
بمعنى آخر: بما أننا مأمورون بالدعوة؛ فقد عرفنا أننا مأمورون ضمنا بتعلم مهارات الاتصال الفعال (المباشرة وغير المباشرة، المنطوقة وغير المنطوقة)؛ لنؤثر في الناس تأثيرا إيجابيا يجعلهم يتقبلون سماعنا ومشاهدتنا والتعامل معنا، وهدفنا من ذلك تعريفهم الإسلام تطبيقا لواجب الدعوة الذي هو أمانة في أعناقنا؛ وهكذا فإن تعلم هذا العلم بهذه النية يصبح مهما؛ لأنه مما يساعدنا على خدمة ديننا وإرضاء ربنا إن شاء الله.
هل هي موهبة مقصورة على البعض؟إذن يتعرف عليهم وعلى ثقافاتهم وعاداتهم وعلومهم ليتمكن من دعوتهم للإسلام. بل وتبين لنا الآية الكريمة كيفية ذلك: بالحكمة والهدوء والموعظة والمنطق القوي. لاحظوا أن الدعوة في الآية جاءت بصيغة الأمر؛ فالمسلم إذن مأمور بالدعوة إلى سبيل الله بكل وسيلة ممكنة، سواء بالدعوة المباشرة (الوعظية) والدعوة غير المباشرة بالقدوة التي تعبر عن أخلاق الإسلام فتدعو الناس إليه.
ويشمل نطاق دعوة كل مسلم جميع دوائر تعامله على قدر استطاعته وعلمه؛ بدءًا من أهل بيته {وأنذر عشيرتك الأقربين}، وحتى الأقوام الآخرون من الشعوب والقبائل الذين علينا التعرف عليهم كما في الآية، واختيار أفضل وسيلة لمخاطبتهم، ثم استعمال جميع أدوات الاتصال الفعال لتوصيل الرسالة التي تعلمناها لهم بشكل صحيح، بعد التغلب على المعوقات التي قد تفسد أو تعطل عملية الاتصال، ثم علينا بعد ذلك التعامل بنفس الحكمة والهدوء مع ردود الأفعال المختلفة الناتجة عن هذا التواصل؛ حرصا على استمرار تدفق المعلومات دون معوقات.
بمعنى آخر: بما أننا مأمورون بالدعوة؛ فقد عرفنا أننا مأمورون ضمنا بتعلم مهارات الاتصال الفعال (المباشرة وغير المباشرة، المنطوقة وغير المنطوقة)؛ لنؤثر في الناس تأثيرا إيجابيا يجعلهم يتقبلون سماعنا ومشاهدتنا والتعامل معنا، وهدفنا من ذلك تعريفهم الإسلام تطبيقا لواجب الدعوة الذي هو أمانة في أعناقنا؛ وهكذا فإن تعلم هذا العلم بهذه النية يصبح مهما؛ لأنه مما يساعدنا على خدمة ديننا وإرضاء ربنا إن شاء الله.
من المهم أن نعرف أن مهارات الحوار ليست حكراً على البعض دون الآخرين؛ فرغم أن منَّا من حباه الله بموهبة البيان والقدرة على التأثير في الآخرين، ولا يحتاج لصقلها إلا للقليل من الجهد والخبرة؛ فإنه من نعم الله علينا أن جميع الناس يمكنهم اكتشاف مواهبهم الشخصية في الاتصال عن طريق التعلم والتدريب المستمر؛ فالتواصل الفعال فن وعلم يُصقَل بالعلم والخبرة.
واستخدام قوانين التواصل الحديثة مع دمجها بآداب الإسلام في الحوار والتفاعل لا شك من المهارات الضرورية للمسلم المعاصر في ظل تحديات عالمنا الحديث، كما أنها من أساسيات نجاح الداعية في توصيل دعوته؛ فكما أن هناك من يجيد الكلام وجها لوجه هناك من يبدع في الكتابة، ومن يبرع في الإعلام بشتى أشكاله، ومن ينطلق في التواصل مع الأطفال عن طريق الأشكال والألوان، وهكذا.
مرحبا بالاختلاف.. لا للخلاف!واستخدام قوانين التواصل الحديثة مع دمجها بآداب الإسلام في الحوار والتفاعل لا شك من المهارات الضرورية للمسلم المعاصر في ظل تحديات عالمنا الحديث، كما أنها من أساسيات نجاح الداعية في توصيل دعوته؛ فكما أن هناك من يجيد الكلام وجها لوجه هناك من يبدع في الكتابة، ومن يبرع في الإعلام بشتى أشكاله، ومن ينطلق في التواصل مع الأطفال عن طريق الأشكال والألوان، وهكذا.
مما لا شك فيه أن أي شخص يحاول التواصل مع غيره بأي وسيلة فإنه يواجه مشكلة الاختلاف الواضح بين الأفراد في المجتمع الواحد، ناهيك عن التباين والتضاد بين الشعوب والقوميات؛ أي أن من حقائق حياتنا التي لا نملك تغييرها أن الناس مختلفون ومتباينون؛ فهل المهمة الموكلة بالمسلمين -وخاصة الدعاة منهم- هي إلغاء هذه الاختلافات، وصهر الناس في قالب إسلامي موحد يتجاهل اختلافاتهم، ويجبرهم على التطابق مع نموذج مثالي؟ يقول الله تعالى في محكم آياته: {وَلوْ شَاء رَبُّكَ لجَعَل النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالونَ مُخْتَلفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلذَلكَ خَلقَهُمَْ} [هود: 118-119]
إذن فالاختلافات الفردية أيضا من سنن الله في الكون، والإسلام يحترمها، ويطلب منا التكيف معها، وتطويع الخطاب على حسب المخاطب (احتراما للاختلاف) دون الإخلال بمضمون الرسالة (منعا للخلاف)، سواء كان ذلك في التواصل الدعوي لغير المسلمين، أو في التعامل اليومي بين المسلمين؛ حيث يرغبهم الإسلام في الاتحاد، وينهاهم عن التناحر، مع احترامه الكامل لحريتهم الشخصية.
غير أن الاحتكاك مع الثقافات المتباينة لا بد سيولد خلافا قد ينقلب إلى هجوم من الجهلاء؛ فكيف يسير المسلم بعملية الاتصال إلى هدفها في توصيل رسالة الدعوة، متفاديا هذه المعوقات؟ والإجابة القرآنية هي الحلم والصبر والقول اللين وتجنب الجدال والصدام:
}وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الذِينَ يَمْشُونَ عَلى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلونَ قَالوا سَلامًا} [الفرقان: 63] {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لنتَ لهُمْ وَلوْ كُنتَ فَظًّا غَليظَ القَلبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلكََ} [آل عمران: 159].
{اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولا لهُ قَوْلا ليِّنًا لعَلهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43-44].
فالإسلام يشجع اللين والرفق والقول الرقيق، كما يعلمنا ربنا أن الجدال الذي لا طائل من ورائه إلا التفاخر بالعلم أو التشويش أو الانتصار في المعارك الكلامية خصلة مذمومة مصدرها الشياطين: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ ليُوحُونَ إِلى أَوْليَائِهِمْ ليُجَادِلوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لمُشْرِكُونَ} [الأنعام:121].
بمعنى أن استخدام مهارات وفنون الاتصال الفعال التي يعلمها لنا الإسلام يجب استعمالها فيما يرضي الله، ويؤدي إلى نتيجة إيجابية تقرب بين المسلمين من جهة، وتجتذب إليهم الثقافات الأخرى للتعرف على عظمة الإسلام من جهة أخرى، ولن يتم ذلك إلا إذا كانت عملية الاتصال في إطار إيجابي لا يحتقر أحدا أو يميز ضده أو ينتصر عليه لإذلاله أمام الناس؛ وهو ما يسميه علماء الاتصال في الغرب اليوم: Win-win situation أي نظرية "الكل فائز"، وهي النظرية التي يتبناها الإسلام في الاتصال.
أما الوجه العكسي الذي يخرج أحد الطرفين مهزوما فيسمىwin-lose situation ، وهو من معوقات الاتصال الفعال؛ لأنه لا يمكن تخيل أن المهزوم سيحبك أو يتجاوب معك ويقلدك، وليس هذا مما تحبه لنفسك، إذن فليس هذا مما تعامل به الناس كما يعلمنا الإسلام.
أما الشكل الثالث وهو lose-lose situation "الكل خاسر" فهو ما سيحدث في حالة الجدال الذي يحتدم إلى معركة كلامية متأججة المشاعر؛ فيبدأ كل طرف يخرج عن حدود اللياقة والأدب؛ دفاعا عن نفسه وهجوماً على الآخر. ومن الواضح أنه لا رابح في مثل هذه الحالات إلا عدو الله إبليس!
إذن فالاختلافات الفردية أيضا من سنن الله في الكون، والإسلام يحترمها، ويطلب منا التكيف معها، وتطويع الخطاب على حسب المخاطب (احتراما للاختلاف) دون الإخلال بمضمون الرسالة (منعا للخلاف)، سواء كان ذلك في التواصل الدعوي لغير المسلمين، أو في التعامل اليومي بين المسلمين؛ حيث يرغبهم الإسلام في الاتحاد، وينهاهم عن التناحر، مع احترامه الكامل لحريتهم الشخصية.
غير أن الاحتكاك مع الثقافات المتباينة لا بد سيولد خلافا قد ينقلب إلى هجوم من الجهلاء؛ فكيف يسير المسلم بعملية الاتصال إلى هدفها في توصيل رسالة الدعوة، متفاديا هذه المعوقات؟ والإجابة القرآنية هي الحلم والصبر والقول اللين وتجنب الجدال والصدام:
}وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الذِينَ يَمْشُونَ عَلى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلونَ قَالوا سَلامًا} [الفرقان: 63] {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لنتَ لهُمْ وَلوْ كُنتَ فَظًّا غَليظَ القَلبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلكََ} [آل عمران: 159].
{اذْهَبَا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولا لهُ قَوْلا ليِّنًا لعَلهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43-44].
فالإسلام يشجع اللين والرفق والقول الرقيق، كما يعلمنا ربنا أن الجدال الذي لا طائل من ورائه إلا التفاخر بالعلم أو التشويش أو الانتصار في المعارك الكلامية خصلة مذمومة مصدرها الشياطين: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ ليُوحُونَ إِلى أَوْليَائِهِمْ ليُجَادِلوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لمُشْرِكُونَ} [الأنعام:121].
بمعنى أن استخدام مهارات وفنون الاتصال الفعال التي يعلمها لنا الإسلام يجب استعمالها فيما يرضي الله، ويؤدي إلى نتيجة إيجابية تقرب بين المسلمين من جهة، وتجتذب إليهم الثقافات الأخرى للتعرف على عظمة الإسلام من جهة أخرى، ولن يتم ذلك إلا إذا كانت عملية الاتصال في إطار إيجابي لا يحتقر أحدا أو يميز ضده أو ينتصر عليه لإذلاله أمام الناس؛ وهو ما يسميه علماء الاتصال في الغرب اليوم: Win-win situation أي نظرية "الكل فائز"، وهي النظرية التي يتبناها الإسلام في الاتصال.
أما الوجه العكسي الذي يخرج أحد الطرفين مهزوما فيسمىwin-lose situation ، وهو من معوقات الاتصال الفعال؛ لأنه لا يمكن تخيل أن المهزوم سيحبك أو يتجاوب معك ويقلدك، وليس هذا مما تحبه لنفسك، إذن فليس هذا مما تعامل به الناس كما يعلمنا الإسلام.
أما الشكل الثالث وهو lose-lose situation "الكل خاسر" فهو ما سيحدث في حالة الجدال الذي يحتدم إلى معركة كلامية متأججة المشاعر؛ فيبدأ كل طرف يخرج عن حدود اللياقة والأدب؛ دفاعا عن نفسه وهجوماً على الآخر. ومن الواضح أنه لا رابح في مثل هذه الحالات إلا عدو الله إبليس!